الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نزع الخافض في الدرس النحوي
ويلاحظ أن سيبويه لم يصرح بنسبة الظرفية في (وحده) إلى يونس، وغاية ما في قوله السابق أنه جعله بمنزلة عنده، أي في كونه على تقدير حرف الجر، لا أنه ظرف مثله، ويؤيد ذلك قول سيبويه: "وجعل يونس نصب وحده كأنك قلت: مررت برجل على حياله، فطرحت على، فمن ثم قال: إنه مثل عنده" (1).وقد يعتذر لمن أطلق الظرفية على ما ذهب إليه يونس بأنه أراد الجار والمجرور لا الظرف الذي هو اسم الزمان أو المكان المنتصب على تقدير في، غير أن الرضي يلتمس معنى للظرفية- فيه بعد- وهو أن (وحده) ضد (معا) في قولك: جاؤوا معا، فجاء وحده أي: لا مع غيره (2).استحسن السهيلي تقدير يونس في ما لا يصلح تقديره بـ (خصوصا) فقال في ما روي مرفوعا: (رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده) (3): "وأما الذي في الحديث فلا يتقدر هذا التقدير، لأنه من المحال أن يموت خصوصا، وإنما معناه منفردا بذاته أي: على حدته كما قال يونس فقول يونس صالح في هذا الموطن، وتقدير سيبويه له بالخصوص يصلح أن يحمل عليه في أكثر المواطن" (4).والراجح من الأقوال في توجيه نصب وحده- في نظر الباحث- أنه منصوب على نزع حرف الجر، ولا يمنع ذلك من التماس الحالية من السياق، لأن متعلق الجار المحذوف هو الحال (5) في الغالب فالتقدير- إذن- في نحو: جاء زيد وحده: جاء زيد على وحده أي: على حياله، وقولهم: تقديره منفردا تفسير معنى لا بيان أصل التركيب، ويعزز هذا الرأي الأمور الآتية:- - - - - - - - - -(1) كتاب سيبويه: 1 /378. وينظر: الأصول في النحو: 1 /166.(2) ينظر: شرح الكافية: 2 /58.(3) الحديث رواه الحاكم في المستدرك: 3 /52- 53، برقم: 4373، وصحح إسناده، وقال الذهبي: فيه إرسال وذكره ابن حجر في الإصابة: 7 /109.(4) الروض الأنف: 7 /361. وينظر: دراسات لأسلوب القرآن الكريم: ق3 /ج3 /121.(5) ينظر: شرح المفصل: 2 /63، والمباحث الخفية: 1 /569.
النسخة المطبوعة رقم الصفحة: 247- مجلد رقم: 1
|